رواية هوس من أول نظرة الجزء الثاني (الفصل 31:35) بقلم ياسمين عزيز
واحد مع
أطفاله دون أن يراهم....
وضع يده المرتعشة على مقبض
الباب
ثم حركه للأسفل ليفتح أمامه...شعر صالح
بدقات قلبه تتسارع و كأنه خرج للتو من
سباق عندما وقعت عيناه على طفليه
اللذين كانا يلعبان فوق الفراش الواسع
الذي كانوا بتقاسمونه مع والدتهم...
توقف مكانه و هو يستند على الباب وراءه
بلهفة بالغة...
كانا توأم متطابق يشبهان بعضهما كثيرا
مع إختلاف لون العيون فسليم عيونه
بنية كوالده أما ريان فقد ورث عيون والدته
الخضراء الغامقة...
إبتسم و هو يجلي صوته محدثا إياهم
سليم...
إلتفت نحوه كلا الطفلين اللذين ناظراه
پخوف بعد أن تعرفا عليه فقد ظنا أنه هو
قبل قليل...
صاح أحدهما لينادي والدته ليسرع نحوه
الاخر و يحتضنه بحماية و هو يطمئنه انه
بجانبه و لن يدعه يؤذيه.. كلماته اللطيفة
التي كانت تفوق عمره جعلت صالح يبكي
بندم و حسرة دون شعور منه و هو يتذكر كيف كاد
يقتلهم اكثر من عندما كانا جنينين في بطن والدتهاسار نحوهما بهدوء و هو يقول محاولا
حبايبي متخافوش انا بس جيت عشان أعتذر
منكوا..
صاح سليم في وجهه و هو يرمقه پغضب
لا إنت كنت هتضرب ماما..و هي كانت
بټعيط ..
نفى برأسه محاولا من جديد فيبدو ان
طفله هذا عنيد جدا و لن يستطيع إقناعه
بسهولة
بس أنا دلوقتي اللي بعيط عشان...
صمت قليلا و هو يهمس بصوت منخفض
مدعيا الحزن
مسح دموعه بأصابعه ثم إتجه نحوه
مستغلا تفاجئ الصغيرين بكلامه و هو
يضيف
بص إزاي انا بعيط...
توقف ريان عن البكاء و هو ينظر له
ليتثبت في مظهره قبل أن يندفع
نحوه و يرمي بجسده الصغير عليه
و هو ېصرخ
بابي.. إنت بابي صح....
كان صالح يقف بجانب السرير مما سهل عليه
كانت مفاجأة غير متوقعة ابدا بالنسبة
له أن يتعرف عليه احد أبناءه اللذين
لم برهم من قبل بل و لم يكن يعلم بوجودهم
حتى...
كان يقبله پجنون و هو يبكي و ينتحب
و أحيانا يهمس له بعبارات..أيوا يا حبيبي
انا بابي..يا روح
بابي..انا آسف..آسف أوي..
باستكانه الصبي في أحضانه و ما إن أبعده
إنت تأخرت علينا اوي يا بابي كنت فين..
أنا و سليم كنا بنستناك كل يوم عشان تييجي
و تاخذنا نتفسح أصل ماما مش بترضى
تأخذنا و بتقول إنها پتخاف علينا من
الۏحش الشرير...
ضمھ من جديد نحو و هو يتنفس رائحته
الطفولية ثم نظر نحو سليم الذي كان
مترددا في الذهاب إليه لكن ما إن فتح
له صالح ذراعه الاخر حتى عانقه بقوة..
بعد بعض الوقت جلس صالح علي حافة
السرير و هو يجلس صغيريه على
ساقيه...أحضانهم الصغيرة جعلته يشعر
و كأنه اليوم قد ولد من جديد...أحاسيس
جديدة تولدت بداخله...ذكرته بقول
فريد له ذات مرة و هو يصف له مشاعر
الابوة..بتحس إنك بتشوف حتة قلبك
بتمشي قدامك على الأرض ...
قبلهم للمرة الالف و تفاجأ انهم لم يتذمروا
كما تفعل يارا الصغيرة فيبدو أنهم هم أيضا
كانوا مشتاقين له..
سألهم بعد أن تذكر أن ريان تعرف عليه دون
أن يخبره بهويته
ممكن اعرف إزاي عرفتوا إن انا بابي ..
أجابه ريان ببساطة..من التلفون..اصل
مامي كل ليلة بتخلينا نشوف صورك و بتقلنا
إنك هتيجي قريب عشانا....
وقف الصغير على ساقي والده ليتعلق
برقبته و هو يحتضنه قائلا بحزن
هو إنت هتروح ثاني يا بابي..
حاوط صالح ظهره بيده ليقربه منه
و هو يجيبه بنفي
لا طبعا يا حبيبي انا هاخدكوا معايا
من هنا...هنروح بيتي انا عندي بيت كبير
اوي و فيه جنينة كبييييرة و فيها شجر و ورد
و العاب كثيييير انا كنت بجهزها عشانكوا ..
تساءل سليم الذي بدأ و أنه اكثر هدوءا
من شقيقه..انا مش عايز أسيب مامي لوحدها..
ضحك صالح ثم أجابه لا إحنا هناخد مامي
معانا...انا و إنت و....
رمش بعينيه و هو يشعر بنغزة في قلبه
بعد أن إنتبه انه لا يعرف أسماء أطفاله
لكنه تدارك نفسه بسرعة ليطبع قبلة على
جبين ريان و يكمل
و حبيبي بابي داه و ماما كلما هنروح
بيتنا الكبير...
اومأ له الصغيران بحماس ليقف
صالح من
مكانه و هو لا زال يحتضنهما بقوة ثم خرج
من الغرفة....
في تلك اللحظة كانت يارا تخرج بدورها
من المطبخ لتتفاجئ به يحمل
طفليها...تمسكت بالصينية التي كانت ترتعش
بين يديها و هي تراقبهما بقلب منفطر
فقد كان الصغيرين يحتضنان والدهما اللذين
حرما منه بقوة و كأنهما ېخافان أن يختفي
من جديد...
لقد عانت كثيرا في السنة الأخيرة عندما بلغ
ريان و سليم سنتهما الرابعة و أصبحا يفقهان
بعض الأمور و من بينهما غياب والدهما
لذلك كانا كل ليلة يسألانها عنه حتى
إضطرت لأن تبحث عن صوره من النت
و عرفتهم عليه...و أخبرتهم انه سافر لبلاد
بعيدة جدا و إنه سوف يأتي يوما ما..
توجه صالح نحو مكان جلوس عائلة يارا
ثم إنحني لينزل الصغيرين و هو يقول بفخر
أقدم لكوا ولادي....
يتبع
ليصلكم عند النشر تابعوني هنا
ايمي ايمي
33...
دفعته عنها بشراسة و كأن لمسته أحړقتها..
كان جسدها بأكمله يرتعش و هي تضم طفليها
نحوها و الذين تشبثا بها پخوف بعد أن رصدت
أعينهم الصغيرة تلك السيارات الكبيرة و الرجال
الضخام ذوي الملابس السوداء اللذين كانوا
يحيطون بهذا العملاق الغريب و يسدون مدخل
العمارة ...
صړخت يارا و هي ترمق صالح پغضب
شديد كانت كلبؤة شرسة تدافع عن صغارها
شيل إيدك و إوعى تقرب مني.....
تراجع صالح إلى الخلف و هو يرفع كفيه
إلى الأعلى باستسلام و عيناه مثبتتان عليها
و على تفاصيلها التي إشتاق إليها پجنون..
تحدث بصوت حاول أن يكون هادئا بينما كان
يجاهد حتى يسيطر على نفسه كي لا يتقدم
نحوها و يأخذها في عناق ساحق ليعوض كل
السنوات التي حرم منها
يارا تعالي..أنا مش هاذيكي انا بس عاوز
أتكلم معاكي...أرجوكي مټخافيش مني ..
كانت يارا تنظر باتجاهه و تحديدا وراءه
صدرها كان يعلو و يهبط من شدة الخۏف
تستمع لصړاخ سارة و أمير و الآخرون اللذين
يحاولون تجاوز حراس صالح دون فائدة..
علت الضوضاء و عم الهرج و المرج تجمع
نصف سكان الحارة أمام العمارة..
تساقطت دموعها بعجز و هي تزيد من إحتضان
الصغيرين إليها و اللذين لم يتبه صالح لوجودهما
حتى الآن...راقبت بصمت سيف الذي سمح
له ناجي بالمرور متجها نحوها و هو يرمقها بعيون
مذهولة توقف أمامها ليهمس بعدم تصديق
إنت بجد يارا..
إلتفت نحو صالح الذي أمسكه من ذراعه پعنف
حتى يبعده من أمامه لأنه حجبها عن مرمى بصره
متمتما من جديد
هي إيه الحكاية..دي يارا بجد و إلا واحدة
شبهها...
أزاحه صالح و هو يتقدم حتى أصبح هو الاخر
أمامها مباشرة مما جعلها تنكمش على نفسها
اكثر...و كم آلمه ذلك بشدة فآخر شيئ كان يريده
هو أن تخشاه..
تحدث برقة و هو يبتسم لها
إحنا لازم نمشي من هنا..الناس كلها بتبص
علينا يارا..أنا مش هأذيكي و الله انا تغيرت
اوي و لو عاوزة تتأكدي إسألي سيف..
ضړب سيف على ظهره حتى يتدخل و يساعده
في إقناعها ليتأوه الاخر هاتفا بضيق
يا عم بالراحة..اه فعلا هو تغير كل حاجة
فيه تغيرت إلا إيده...بس إحنا فعلا لازم نروح
من هنا..تعالي معايا و...مين دول ..
قطب جبينه بغرابة عندما وقع بصره فجأة
على الصغيرين اللذين كانا يبكيان بصمت..
تبادل سيف نظرات مبهمة مع صالح الذي
سقط على ركبتيه فجأة و هو يشهق بقوة
ثم مد يده لمسح على رأس أحدهما قبل
أن يسأله
مين فيكوا سليم...
أخفى الصغير وجهه في ملابس والدته
بينما رفع صالح عيناه نحو هاتفا بصوت
مخټنق
دول عيالي يا سيف...أنا مش مصدق ..
خلف يارا و تحديدا على الدرج كانت أم إبراهيم
تنزل السلم بخطوات بطيئة و هي تجاهد ان لا تقع
كانت تمسك بيدها عصا المكنسة التي لم تجد
غيرها كسلاح في شقتها الآمنة..
حدقت في المشهد أمامها پذعر و بسرعة إلتقطت
عيناها إبنتها سارة اللتي كانت لا تزال تحاول
المرور من حاجز الحرس بينما كان أمير
يحاوط جسدها بحماية و يمنع اي شخص يقترب
منها..
رأتها تصرخ و تشير إليها نحو يارا لتحول
بصرها حيث أشارت...إستندت على عصا
المكنسة و هي تسرع نحوها لتجدها تبكي
بصمت هي و أطفالها و أمام ذلك الرجل الضخم
الذي بدا وجهه مألوف لها..
لم تنتظر كثيرا لترفع العصا إلى الأعلى
و هي تنوي ضړب صالح بها بعد أن تذكرت
أنه هو نفسه
زوجها الذي هربت منه....إعترض
طريقها أحد الحرس ليأخذ منها العصا لكنها
صړخت في وجهه تدفعه
إنتوا عاوزين إيه من بنتي..سيبوها في حالها ..
رمقها صالح بنظرة سريعة لا مبالية و عاد ليهتم
بالصغيرين و والدتهم بينما إلتفت نحوها سيف
ليوقفها
يا حاجة لو سمحتي إحنا مش جايين نعمل
مشاكل هنا...إحنا جايين نرجع يارا لجوزها
و عيلتها...
تلوت أم إبراهيم و هي تدفع الحارس الذي
أشار له سيف بتركها ثم صاحت من جديد
بس هي هربت منه زمان و مش عايزة
ترجعله خليه يطلقها و يسيبها في حالها
هو بالعافية...إوعى من قدامي خليني أطمن على
البت اللي محجوزة هناك على الحيط زي
الفرخة و عيالها...
كتم سيف ضحكته على هذه السيدة البدينة
ثم إنزاح من طريقها لتندفع نحو يارا التي
تشبثت بها حالما رأتها أمامها و هي تتمتم بړعب
متسيبنيش يا طنط داه عاوز ياخذني من هنا
بالعافية عشان يحبسني من ثاني زي زمان...
طبطبت أم إبراهيم علي ظهرها لتطمئنها و هي
ترمق صالح بغل
مټخافيش يا حبيبتي..طول ما أنا عايشة أنا مش هخلي حد يمس شعرة منك..
وجهت حديثها نحو صالح و هي تلاحظ
الحشد في الخارج
بقلك إيه يا إسمك إيه أنا هاخذ بالبنت
على شقتي فوق و إنت حصلني.. إنت و اللي
معاك عشان مينفعش نفضل كده فرجة
للي رايح و اللي جاي..
إنتفض صالح من مكانه يشير لها برفض
و لهفة
إنت هتاخديها على فين
مصمصت أم إبراهيم شفتيها بعدم
رضا و هي تعلق
شوف الراجل اللي يشوفه متدهول عليها
كده ميقولش إني دي هي نفسها اللي كان
موريها الويل..هاخذها شقتي يا عنيا
متخافش مش ههرب بيها و مش هتقدر تأخذها
كمان..داه انا بإشارة واحدة مني بس و محدش
هيطلع منكوا من هنا سليم....ها قلت إيه
نتفاهم بالمعقول و إلا نقلبها خناقة ..
قلب سيف عينيه بملل قبل أن يتولى
إجابتها
لا إحنا عاوزين نتفاهم بالمعقول
بس مش عشان خايفين من حضرتك
لا عشان يارا و العيال...مش كده يا صالح
همس مستدركا قال بإشارة مني قال...
نفض
صالح ملابسه و قد إستعاد ثباته و رباطة
جأشه ثم إلتفت نحو ناجي ليخبره أن ينتظره في
السيارات خارجا بعدها إلتفت نحو أم إبراهيم
يحدثها قائلا
ممكن نعرف مين حضرتك
أم إبراهيم و هي تنظر له بثبات
يارا كانت عندي طول السنين اللي فاتت
و انا بعتبرها زي بنتي و مسؤولة عنها ...
ما إن تحرك رجال صالح نحو السيارات حتى
إندفعت سارة و أمير و وراءهم رباب ووسام
الذي كان يحاول الاعتناء زوجته الحامل
و التي لا تكف عن الحركة رغم خجله
الشديد من فعلته.....
هدرت سارة بقوة و هي تسأل
يارا إنت كويسة
أومأت لها الأخرى و هي تبتعد عن
أم إبراهيم لتتفقد ريان و سليم...
أشاح أمير وجهه للجهة الأخرى بصمت
عندما إلتفت عيناه بخاصتي صالح
الذي كان يوجه له نظرات اللوم و العتاب
قبل أن يسأله
داه انا كنت بمۏت قدامك..يا خسارة ياصاحبي ...
إندفعت سارة لتجيبه مكان زوجها
إنت مش من حقك تلوم أي حد..
إحنا عملنا كده عشان ننقذها منك و من إبن
عمك...لو مخبيناهاش كان زمانها مېتة هي
و عيالها...
تدخل سيف حتى يمنع شجارهما فهو يعرف
سارة متهورة
خلاص بقى الناس بتتفرج علينا...انا بقول
خلينا كلنا نروح البيت